يحزننى- ميكائيل أوغستين


يحزنني

 

الرجل في السترة الحمراء

 

الذي ما انفك يتوق الى سترة زرقاء

 

طوال الأعوام العشرين الأخيرة

 

لكنه كان كل مرة يشتري سترة حمراء بدلا منها.

 

يحزنني
الشتاء
الذي لن يعيش يوما ليرى الصيف.

يحزنني
الأطفال
الذين بدأت تلوح فيهم
بوادر سن الرشد.

تحزنني
عبارة “بلا جدوى”
لأنها سوف تظل بلا جدوى.

 

يحزنني
السؤال
الذي يدّعي الجميع – وأعني الجميع –
معرفة جوابه.

 

يحزنني
ذاك الباحث عن السعادة
الذي وجدها على غفلة منه
منذ وقت طويل،
ولم يكتشف بعد أنها شرعت في النفاد.

 

يحزنني
الصدى
الذي يحلم ولو لمرّة
أن تكون له الكلمة الأولى.

 

يحزنني
المستقبل
الذي مع كل لحظة تمرّ
ينكمش،
فيكبر الماضي.

 

تحزنني
برلين.

 

تحزنني
مرآة المغسلة
التي يفضحها رعبها
عندما أنظر إليها صباحا.

 

يحزنني
الكتّاب الأموات
لأنهم مضطرون دائما
إلى الحلول مكان الأحياء.

 

تحزنني
الخطوط المتوازية
التي لا مفرّ من أن تصطدم
في اللانهاية.

 

تحزنني
هذه القصيدة.

الترمومتر و أنا

مش مقتنعة بالنظريات اللى مضمونها ان الانسان ممكن يتغير 180 درجة..

انت ممكن تزيد فى صفاتك وتنقص آه,,سواء إيجابية أو سلبية..وده العادى مع حياتنا المتقلبة،انما تغير جذرى لقمة أو لهاوية يبقى لازم تكون حصلت لك حاجه قلبت مجرى الواقع ..
مثلا:-

-رب الأسرة اللى قلقان ومش عارف يلبى طلبات بيته حيفضل قلقان ومهموم الا لو حليت مشكلته جذريا…وأمنت مستقبله..أينعم مش حيختفى همه,,بس عالأقل حيتحول لمجرى تانى زى “ازاى بقى احافظ على فلوسى ” مثلا!

-البنت اللى هدفها فى الحياة عريس ..حتفضل مخنوقة ومش شايفه حاجه قصادها ولا معترفة بانجاز غير لو اتجوزت..وبمجرد ما تتجوز حتكتشف قد إيه كانت عبيطة لما تتحول لنفس الحياة اللى مامتها وجدتها كانوا عايشينها وياما هرتهم تريقة وانتقاد!

– المتخلف اللى بيعامل تاء التأنيث دايما على انها مخلوق أقل منه فى الانسانية والقدرات والحقوق،مخلوق مسخر له! حيفضل برضه متخلف مهما شاف وقابل فى حياته بنات أذكى وأقوى منه فى كل حاجه،لان الحكاية كلها فيه وفى عقدة النقص اللى عنده من جوا

– الأم .. حتفضل طول عمرها أم بكل ما تحمله الكلمة من معانى دى ما بتتغيرش ولا مستلزماتها وطقوسها بتسقط بالتقادم..مالهاش حلول من الاخر فيما عدا بعض الاستثناءات اللى بتؤكد القاعدة.

– المتشائم..حيفضل طوول عمره متشائم وخايف مهما قل مقدار التشاؤم (ظاهريا) بسبب نعم ربنا.. لان اللى شافه فى حياته لسعه وأفقده نسبة السذاجه البسيطة وإحساس الأمان اللى موجود عند بعض المتفائلين..

– اللى قلقان عشان النتيجة حيفضل قلقان حتى لو اتنططت قصاده عشان تهديه..ما بيهداش غير لما تبان حتى لو سقط..لان ببساطة دى طبيعة الانتظار ومشكلته الأبدية..قيس على كده حاجات كتير..

– الأنانى..حيفضل أنانى مالهوش علاج غير انك تبعد عنه وتغنيله او تتقبل بقى معنى الاعطاء المستمررررر دون أى مقابل

– المغرور مش حيشوف فى الدنيا حد أحسن منه ، ما تحاولش تغيره كتير ده مالوش غير قضاء وقدر يكسر تكبره من الجذور..

احنا ظاهريا بس بنتغير انما من جوا الحكاية زى الترموميتر يوم فوووق ويوم تحت..والشاطر مش اللى يقولك انا اتغيرت 180 درجة..لان كلها كمان 180 درجة ويرجع لنقطة الصفر فى دايرة مفرغة!
انما

…………………..
حاول تثبت الترمومتر..قدر الإمكان 🙂صورة

التهمة: إنسان!

جدنى واقعيا..

خاليا..من أي خيال

متمنطقا بحزام من الترهات والتفا هات؛ تلك التى تدعونها:

قمة الرقى الآن!

وستمدحنى..بأنى ابن هذا الزمان..

جدنى رومنطيقيا..

أعيش فى قصر من الأحلام

متحصنا بجبال من الأوهام

وستدرك (فى اشمئزاز)..

أنى من زمن فان!

فى زمن آلى هدام..

يدك الأحلام بالأرض..

بقوة ألف حصان!

لا أعلم..هل صارت المشاعر

حقا عاصمة الهذيان؟

قل لى يابن الزمان:

هل ضل فينا الأمل؟

ام ضاع منا الإنسان؟؟

أم تبخرت المبادئ..

فى عصر المطرقة والسندان؟!

أخبرنى..فكما ترى

يبدو أننى من كوكب ثان!!

لم انتقلنا من غابة الحوريات..

والفراشات ..والجنان..

إلى غابة الذئاب..

والثعالب..والجرذان!

ولا حضارة سوى حضارة الجرذان!

جدنى فقيرا ..وخمن

لم لم أحرز نجاحا..حتى الآن؟

وكيف أفعل..إن كنت لا أرتدى النفاق حلة..

أمام كل ذى جاه..وسلطان

ولا أنتوى أن أرتديها..

فى يوم من الأيام.

وكيف أفعل..حين أكرم أخى الإنسان..

فيطعننى فى ظهر قلبى..

دون خجل..دون ندم..

دون أن تعبر بابه..ذكرى الأخوة والإكرام.

فليس ذنبى أنى لم أتعلم..

كيف ألدغ كثعبان!!

وهأنذا..

سئمت الوحدة .وسئمتني الجدران!

أحارب بآخر سيف من أخلاق الفرسان.

لا أعلم كم سأمكث من الزمان.

فى انتظار كتيبة الإعدام..

لماذا؟؟؟

ألم أخبرك بعد!؟

أنا مطارد..والتهمه:إنسان!

صورة

د/ مصطفى محمود – رحمه الله

“لي سقف ينتهي جسدي عنده .. و لكني من الداخل بلا سقف و بلا قعر .. و إنما أعماق تؤدي إلى أعماق .. و أفكار و صور و أحاسيس و رغبات لا تنتهي أبداً إلا لتبدأ من جديد كأنها متصلة بينبوع لا نهائي .. و هي أعماق في تغير دائم و تبدل دائم .. بعضها يطفو على السطح فيكون شخصيتي و بعضها ينتظر دوره في الظلام.”

د/ مصطفى محمود…

درب من مروا إلى السماء..آيات

كم كنتِ جميلة..خارقة الجمال..

لا أدرى كيف جذبتنى ملامحك بالغة الرقة والإباء فى آن واحد..وكيف دفعت بى إلى مطالعة صفحة الجريدة الكاملة التى أعلنت خبر استشهادك ووضعت صورتك جنبا إلى جنب مع الشهيدة وفاء إدريس..

كنت فى الثانية عشر ولا تعجبنى كثيرا نشرات الأخبار وصفحات الجرائد التى لا أرى من خلالها سوى وجه العالم الدامى..

لكن وجهك الذى فاجئنى بطمأنينته الساحرة..حدثنى بأنه آت من عالم آخر..لا يعبأ كثيرا بتلك الحياة المتقلبة ..ولا بذلك الواقع الساخر..

آيات الأخرس..

حتى اسمك كان مثيرا للاهتمام..

وكلما أمضيت سطرا فى قراءتك..أدركت سر جاذبيتك

فقد كنت تنتمين إلى كوكب البشر الخارقين للعادة!

أولئك الذين عبروا بوابة المخاوف الإنسانية ..إلى بعد موازى لا يعترف بالجبن والأنا البشرية..

كوكب آخر أسس دعائمه “يحيى عياش” ..وسبقتك إليه “وفاء إدريس”،وكل اولئك..الذين لا يعرفون للهزيمة سبيلا..

علمت أنك ما زلت صغيرة..كنت تدرسين بالثانوية ..وكنت أيضا على وشك الزواج من “شادى” الذى انتظرك عاما ونصف..تفصلك عن عرسك أشهر قليلة..

علمت أنكما خططتما لكل شئ..حتى اسم ابنكما الأول”عدى” الذى قضيتما الساعات فى تخيل مستقبله وأحلامه..بابتسامة صافية على شفتيك..ونظرة أمل فى عينيه

إلا أنك اخترت عرسا آخر.. فى السماء..، ولم تتنازلى عن الحياة الدائمة بأحد قصور الجنة..

وحين ودعتيه فى الرسالة الأخيرة..تمنيت أن تكونا معا فى الجنة..

…………………

حتى هو..دائما ما كانت تقطع احلامه هواجس الاستشهاد حين يرى عينيك تلمعان ويسمع نبضك المتلاحق وحماسة صوتك الزائدة وأنت تتحدثين عن الشهداء من جيرانك وزميلاتك وأقاربك.. أولئك الذين قمت بتجميع كل صورهم..

لكنه سرعان ما كان ينفى هذا الخاطر .. حين تتعاونان معا فى وضع اللمسات النهائية للبيت الصغير..

وحين أتاه الخبر..لم يغضب منك..وكان حزنه الوحيد أنه لم يرافقك حلم البطولة..ولم تشهدا معا عرسكما فى حضرة الملأ الأعلى..

…….

أتعلمين كم كانت أمك تفخر بك حين ترددين مقولتك الأثيرة

“ما فائدة الحياة إذا كان الموت يلاحقنا من كل جانب؟ سنذهب له قبل أن يأتينا, وننتقم لأنفسنا قبل أن نموت”

رغم مشاعرالقلق الأمومى بقلبها..كانت تستشعر فخرا كبيرا..

ذلك الذى دفعها لاستقبال التهانى لا التعازى ، وسماع الزغاريد لا العويل..

فكلهم يا “آيات” يعلم مكانك الآن..ذلك الذى استحققته بجدارة..

هم أيضا..تمنوا حضور العرس..

…………………

صديقتى التى لم أعرف عنها سوى قصة بطولتها..وعالم ابتسامتها..

كيف تراك شعرت..وأنت تسيرين وحدك إلى موعدك الأخير على ظهر عالمنا الموحش؟

بعد أن ودعت شقيقتك الصغرى”سماح”

وطلبت منها الدعاء بالتوفيق..وسألتها إن كانت ترغب منك إيصال السلام لأحد..،فردت عليك مشاغبة:سلمي لى على الشهيدين محمود و سائد..

كانت تداعبك لأنها لم تتخيل كم أنت موشكة على تحقيق ذلك الحلم الذى يراود كل شباب وطنكم..

تداعبك لأنها لم تفطن إلى نظرة الوداع الأخيرة بعينيك..

كأنما كنت تلقين السلام الأخير على حبات الطين بالمخيم..وأغصان الزيتون ..والحمام الحر بالأجواء..

لأنها لم تعلم كيف تخطيت كل عقبة أمنية حتى وصلت بعزيمتك وإخلاصك إلى أعلى مستويات كتائب شهداء الأقصى..

داعبتك لأنها..ربما..لم تود تصديق انك تودعينها حقا..

………………………..

نجحت عمليتك فى فعل اشياء كثيرة..

فقد أثبتت للعرب مرة أخرى كيف يمكن للمرأة أن تلعب دور البطولة..فعلتها قبلك وفاء،وأخجلتما الجميع فى أوحال تشدقهم الزائف بالفروسية التى لا تقوم سوى بالطأطأة لإرهاب ومجازر الصهاينة!

فعلتها وأكدت للعالم معنى جديدا هو “الشهادة”،تفشل القواميس دوما فى تعريفه،وتخلطه أمريكا بالإرهاب عمدا وتضليلا..

وإلا فماذا تعنى المجازر التالية فى تاريخ الإنسانية:

 

صابرا وشاتيلا

دير ياسين

أم الفحم

بلد الشيخ

بحر البقر

الجولان

مجازر ساحة الأقصى

الحرم الإبراهيمى

قانا

يافا

حيفا

جنين

محمد الدرة

إيمان حجو

أحمد ياسين

أ………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………… إلخ……………….

لعلك فهمت الآن سبب قيامى بقص صورتك أنت و وفاء والاحتفاظ بها إلى الآن

أو تعلمين؟ رغم انها أوشكت أن تهترئ..إلا أن قوتها المستمده من ابتساماتكما الواثقة..تضفى عليها سحرا خاصا إلى يومنا هذا

ايات

انها الذكرى العاشر لعرسك..

هنيئا لك

وتقبلى اعتذاراتنا ..وخذلاننا..

فعما قريب

سننهض حتما

 

“حفصة”